سمك القرش انتصار تطوريٌ ممتدٌ لأكثر من 400 مليون سنة وبأكثر من 500 نوع يتكيّف مع كل محيط.
صمد القرش عبر خمس انقراضاتٍ كبرى، وحافظ على تصميمٍ جسديّ فعّال يدل على نجاعةٍ انتقائية نادرة. نجده من السواحل الضحلة إلى أعماق تتجاوز 2000 متر لدى بعض الأنواع، ما يعني مرونةً بيئية واسعة. هذا الاتساع الجغرافي والتنوع الشكلي والسلوكي يمنحانه قدرةً على ملء أدوارٍ بيئية متعددة لا يقدر عليها كثير من الكائنات البحرية. لذا فحضوره ليس صدفة، بل نتيجة تفوقٍ تكيفي طويل الأمد.
كفاءته الهيدروديناميكية تجعل القرش آلة صيد فردية مذهلة الكفاءة والطاقة.
هيكله الغضروفي الخفيف، وحراشفه الجلدية السنّية، يحدّان من مقاومة الماء ويعززان الانسيابية، فيما يوفّر الكبد الغني بالزيوت طفوًا ذكياً يقلّل كلفة الحركة. بعض الأنواع كقرش الماكو القصير الزعنفة تسجّل سرعات تقارب 60–70 كم/س، ومع «الاستقرار الحراري الإقليمي» لدى لامنيدات مثل الأبيض الكبير ترتفع القوة العضلية والتحمّل. هذه الحزمة الهندسية تعني أن القرش ينجح كثيراً كصيادٍ فردي دقيق، بينما يختار آخرون الصيد ضمن مجموعات. النتيجة: فعالية صيد عالية بأقل هدرٍ للطاقة وفي طيفٍ واسع من الظروف.
حواس القرش المتقدمة تمنحه خريطة حسّية دقيقة للمحيط تتجاوز مجرد القوة البدنية.
يمتلك القروش أمبولات لورنزيني للاستقبال الكهربائي ترصد الإشارات الخفية الصادرة عن عضلات الفرائس حتى عند انعدام الرؤية. يعمل الخط الجانبي والسمع منخفض التردد على التقاط الذبذبات البعيدة، فيما يوفّر الشم شديد الحساسية القدرة على تتبّع تركيزاتٍ ضئيلة من الروائح عبر تياراتٍ معقّدة. هذا التكامل الحسي يمنح القرش قرارات صيدٍ محسوبة، ويمكّنه من تفادي المخاطر بنفس القدر الذي يمكّنه من اقتناص الفرص. إنه ذكاء حسي عملي يُترجم إلى دقّةٍ وفاعلية في كل مواجهة.
القرش ركيزة توازن بيئي يحتاج الحماية: ضرره على الإنسان ضئيل بينما خسائره على أيدينا فادحة.
التقديرات العلمية تشير إلى أن البشر يقتلون سنوياً نحو 63–100 مليون قرش، فيما تسجَّل وفيات البشر من هجمات القروش عادةً بأقل من 10 حالات حول العالم. عند تراجع القروش كضوابطٍ قِمّية، تنفلت مفترساتٌ وسطى وتحدث سلاسل انهيارٍ بيئي تمسّ الأعشاب البحرية والمحاريات ومصايد الأسماك. حماية القروش ليست عطفاً على مفترسٍ قوي، بل استثمارٌ في استقرار المحيط كله. وبالمقارنة مع هيبته المخيفة، يظهر أن خطورته الفعلية على البشر ضئيلة مقابل دوره الإيجابي الهائل.